الصلاة الصلاة
بسم الله الرحمان الرحيم
* أولا: من القرآن الكريم: # قال تعالى( قُل لعبادي الذين ءامنوا يُقيموا الصلوات ويُنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية). # وقال سبحانه( أقم الصلوات لدُلوُك الشمس إلى غسق اليل وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهودا). # وقال تعالى( وامر أهلك بالصلات واصطبر عليها لانسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى). # وقال تعالى( ومآ أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين لهُ الدين حُنفآء ويُقيموا الصلوات ويُؤتُوا الزكاة وذلك دينُ القيمة). * ثانيا: من السنة الصحيحة: # عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزآ يوما للناس , فأتاه رجل فقال: ما الإيمان، قال( الإيمان أن تؤمن بالله وملاكته, وبلقائه, ورسله, وتؤمن بالبعث)) قال: ما الإسلام؟ قال(( أن تعبد الله ولاتشرك به, وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة المفروضة, وتصوم رمضان)). * للصلاة مكانة عظيمة في الإسلام. فهي آكد الفروض بعد الشهادتين وأفضلها، وأحد أركان الإسلام الخمسة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان" رواه البخاري، * وقد نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم تاركها إلى الكفر فقال: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" رواه مسلم، وعن عبد الله شقيق العقيلي قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. * فالصلاة عمود الدين الذي لا يقوم إلا به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، * وهي أول ما يحاسب العبد عليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح ونجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر" رواه الترمذي * كما أنها آخر وصية وصَّى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عند مفارقته الدنيا فقال صلى الله عليه وسلم: "الصلاة وما ملكت أيمانكم" رواه ابن ماجه، * وهي آخر ما يفقد من الدين، فإن ضاعت ضاع الدّين كله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها. فأولهن نقضاً الحكم، وآخرهن الصلاة". رواه أحمد. * كما أنها العبادة الوحيدة التي لا تنفك عن المكّلف، وتبقى ملازمة له طول حياته لا تسقط عنه بحال. الأوقات التي حددها الله ورسوله لا يحل للمسلم أن يقدم من صلاته جزاءً من صلاته قبل دخول الوقت ولا أن يؤخر منها جزءا ً بعده فلا يحل للمسلم أن يقدم من صلاته جزءا قبل الوقت ولا أن يؤخر منها جزءا بعده فكيف بمن يؤخرون جميع الصلاة عن وقتها كسلاً وتهاونا وإيثاراً للدنيا على الآخرة يتنعمون بنومهم على فرشهم ويتمتعون بلهوهم ومكاتبهم كأنما خلقوا للدنيا كأنه لا يقرأون القرآن كأنه لا يقرأون قول الله عز وجل (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) (الماعون:5) كأن هؤلاء المتهاونين كأن هؤلاء المتهاونين بصلاتهم لا يقرأون قول الله عز وجل (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) (مريم:60) كأني بهؤلاء المتهاونين في صلاتهم لم تبلغهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في وعيد من اضاع الصلاة أو لم يبالوا بذلك لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذي تفوته صلاة العصر كأنما أهدر أهله وماله ) أي كأنما أصيب بفقد أهله وماله فسبحان الله ما أعظم الأمر وما أفدح الخسارة الذي تفوته صلاة العصر كأنما فقد أهله كلهم وماله كله فأصبح أعزب بعد التأهل وفقيراً بعد الغنى هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا ينطق عن الهوى تصوروا أيها الناس لو أن شخصاً من بينكم كان له اموال وأهل وكان مسروراً في ماله وبين أهله ثم أصيب بجائحة أتلفت أمواله وأهلكت أهله فماذا تكون حال الناس بالنسبة له إنهم لا بد أن يرحموه ولا بد أن يواسوه في هذه المصيبة ويقدموا له أنواع العزاء ومع ذلك وللآسف الشديد ترى كثيراً من الناس تفوتهم صلاة العصر وصلوات اخرى كثيرة لا يحزنون لذلك ولا يبالون بما حدث و اخوانهم المسلمون يشاهدونهم على ذلك فلا يرحمونهم ولا يخفونهم من عذاب الله وعقابه أيها المسلمون إن أحداً لو أصيب بماله وأهله فقد أهله وماله فإن الخسارة عليه وحده 1- تعريف الصلاة:- لغة:- الدعاء بخير شرعا:- التعبد لله تعالى بأقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم. تعريف الصلاة 2:- تُطلق الصلاة ويراد بها الدعاءُ والاستغفارُ، كما في قوله تعالى: {.. وَصَلِّ عَلَيْهِم إنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْل..} التوبة 103. وَتُطْلَقُ الصَّلاةُ وُيرادُ بها المغْفِرةُ والرَّحمةُ، كما قال تعالى: {إنَّ اللّه وَمَلائكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ يَأَيُّها الذِيْنَ أمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيماً}ا لأحزاب 56. وتُطلق وُيراد بها بيُوت العِبادة، كما في قوله تعالى: { وَلَوْلا دَفع اللّه الناسَ بَعضَهم بِبعض لَهُدِّمَتْ صَوَامعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِد يُذْكَرُ فِيْها أسْمَ الله كَثِيْراً..}الحج. 4. إلى غير ذلك من الإطْلاقات في القرآن وفي الحديث. أمَّا الصلاة في اصطلاح الفُقَهاءِ فَهِيَ: عِبَادةٌ تتضمَّنُ أقْوالاً وأفْعَالا مَخْصُوصَةً، مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيْرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيْمِ. 2- أهمية الصلاة والأدلة الواردة على أهميتها:- للصلاة في دين الإسلام أهمية عظيمة، ومما يدل على ذلك ما يلي: 1 - أنها الركن الثاني من أركان الإسلام. 2 - أنها أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة؛ فإن قُبلت قُبل سائر العمل، وإن رُدَّت رُدَّ. 3 - أنها علامة مميزة للمؤمنين المتقين، كما قال تعالى: وَيُقِيمُونَ الصّلاةَ [البقرة:3]. 4 - أن من حفظها حفظ دينه، ومن ضيّعها فهو لما سواها أضيع. 5 - أن قدر الإسلام في قلب الإنسان كقدر الصلاة في قلبه، وحظه في الإسلام على قدر حظه من الصلاة. 6 - وهي علامة محبة العبد لربه وتقديره لنعمه. 7 - أن الله عز وجل أمر بالمحافظة عليها في السفر، والحضر، والسلم، والحرب، وفي حال الصحة، والمرض. 8 - أن النصوص صرّحت بكفر تاركها. • هل تعلم أن المولى تبارك وتعالى يتبرأ من تارك الصلاة ؟ قال رسول الله صلى الله وسلم : " لا تترك الصلاة متعمدا ، فإنه من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ورسوله " أي ليس له عهد ولا أمان. * هل تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف تارك الصلاة بالكفر؟ }إن بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة} رواه مسلم. وقال: { العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر { رواه أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح * هل تعلم أن الذي لا يصلي إذا مات لا يدفن في مقابر المسلمين!!؟ فتارك الصلاة إذا مات على ذلك فهو كافر لا يُغَسّل، ولا يُكَفّن، ولا يُصلى عليه، ولا يُدفَن في مقابر المسلمين، ولا يرثه أقاربه، بل يذهب ماله لبيت مال المسلمين، إلى غير ذلك من الأحكام المترتبة على ترك الصلاة. * هل تعلم كيف يعذب تارك الصلاة في قبره ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة ، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه – أي يشدخه - فيتهدده الحجر - أي يتدحرج - فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصبح رأسه كما كان ، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى ، فقلت : سبحان الله ! ما هذان ؟ فقال جبريل عليه السلام (إنه الرجل ينام عن الصلاة المكتوبةَََََََ) * هل تعلم أن أول ما تحاسب عليه الصلاة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة عن الصلاة، فإن صلحت ، صلح سائر عمله ، وإن فسدت ، فسد سائر عمله " * هل تعلم أن تارك الصلاة مع المجرمين في جهنم ؟ قال تعالى : { كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ،ما سلككم في سقر. قالوا لم نكن من المصلين * هل تعلم أن الله عز وجل يأمرك بالصلاة ؟ قال تعالى : { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين { * هل تعلم أن الصلاة وصية النبي صلى الله عليه وسلم عند خروجه من الدنيا ؟! قال رسول الله صلى عليه وسلم وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة( الصلاة، الصلاة وما ملكت أيمانكم ) * هل تعلم أن الصلاة مفتاح كل خير ؟ قال ابن القيم الجوزي رحمه الله : " الصلاة : جلبة للرزق، حافظة للصحة دافعة للأذى، طاردة للأدواء، مقوية للقلب، مبيضة للوجه، مفرحة للنفس، مذهبة للكسل، منشطة للجوارح، ممدة للقوى، شارحة للصدر،مغذية للروح، منورة للقلب، حافظة للنعمة، دافعة للنقمة، جالبة للبركة, مبعدة من الشيطان. * هل تعلم أن تارك الصلاة يحشر يوم القيامة مع فرعون؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من حافظ عليها - أي الصلاة كانت له نورا وبرهانا يوم القيامة ، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ، ولا نجاة ، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف " قال الإمام العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى-: (وإنما خص هؤلاء الأربعة بالذكر لأنهم رءوس الكفرة.وفيه نكتة بديع ،وهو أن تارك المحافظة على الصلاة إما أن يشغله ماله أو ملكه أو رياسته أو تجارته ؛فمن شغله عنها ماله فهو مع قارون ومن شغله عنها ملكه فهو مع فرعون ، ومن شغله عنه رياسة ووزارة فهة مع هامان ، ومن شغله عنها تجارته فهو مع أُبيِّ بن خلف) 3-صلاة الجماعة وفضلها وحكمها وحكم من تركها وصلى في بيته حكم صلاة الجماعة :- صلاة الجماعة فرض عين على الرجال المكلفين القادرين حضراً وسفراً للصلوات الخمس؛ لأدلة كثيرة صريحة من الكتاب والسنة الصحيحة ومنها ما يأتي:- 1-أمر الله تعالى حال الخوف بالصلاة جماعة 2-أمر الله عز وجل بالصلاة مع المصلين والأمر يقتضي الوجوب 3- عاقب الله تعالى من لم يجب المؤذن فيصلي مع الجماعة فإنه حال بينهم وبين السجود يوم القيامة 4- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة مع الجماعة والأمر يقتضي الوجوب 5- لم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى بعيد الدار في التخلف عن الجماعة 6- بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له 7- تحريم الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي صلاة الجماعة 8- تفقد النبي صلى الله عليه وسلم للجماعة في المسجد يدل على وجوب صلاة الجماعة 9- إجماع الصحابة رضي الله عنهم على وجوب صلاة الجماعة فوائد صلاة الجماعة وفضائلها:- -صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبعة وعشرون درجة 2-يزيد فضل صلاة الجماعة بزيادة عدد المصلين 3- التعبد لله تعالى بهذا الاجتماع؛ طلباً للثواب، وخوفاً من عقاب الله، ورغبة فيما عنده. 4- الملائكة يدعون لمن صلى مع الجماعة قبل الصلاة وبعدها 5- فضل الصف الأول وميامن الصفوف في صلاة الجماعة 6- التعارف؛ لأن الناس إذا صلى بعضهم مع بعض حصل التعارف، وقد يحصل من التعارف معرفة بعض الأقرباء، فتحصل صلته بقدر قرابته، وقد يعرف الغريب عن بلده في قوم الناس بحقه. 7-التوادد، وهو التحابّ؛ لأجل معرفة أحوال بعضهم لبعض، فيقومون بعيادة المرضى، وتشييع الموتى، وإغاثة الملهوفين، وإعانة المحتاجين؛ ولأن ملاقاة الناس بعضهم لبعض توجب المحبة، والألفة. حكم من ترك صلاة الجماعة :- 1- ترك صلاة الجماعة من علامات المنافقين ومن أسباب الضلال وهذا يدل على أن التخلف عن صلاة الجماعة من علامات النفاق 2- تارك صلاة الجماعة متوعد بالختم على قلبه وهذا التهديد لا يكون إلى على ترك واجب عظيم 3- استحواذ الشيطان على قوم لا تقام فيهم الجماعة 4- هم النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق البيوت على المتخلفين عن صلاة الجماعة وفي هذا دلالة على أن صلاة الجماعة فرض عين 5-مشكلة التهاون في الصلاة من حيث أسبابها وعلاجها العواقب التي تصيب من يتهاون في الصلاة:- الذين يتهاونون بصلاتهم ولا يبالون بها ليست العقوبة عليهم وحدهم بل ربما تعم العقوبة جميع الناس واسمعوا الله تعالى وهو يقول (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً )(لأنفال: من الآية25) أيها المسلمون إن الإنسان إذا أخر الصلاة عن وقتها حتى خرج بدون عذر له فإنه لو صلاها ألف مرة لم يقبلها الله منه فهؤلاء الذين يبقون على فرشهم حتى تطلع الشمس وهم يستطيعون أن يقوموا ويصلوا مع الناس هؤلاء إذا قاموا بعد الشمس ثم صلوا الفجر فإنها لا تقبل منهم ولا تنفعهم ولا تقربهم إلى الله ولا تبرأ بها ذمتهم لأنه لا عذر لهم فاتقوا الله عباد الله وأدوا الصلاة في وقتها من أسباب التهاون في الصلاة:- إن مما يتهاون به بعض المصلين الخشوع في الصلاة وهو حضور القلب وسكون الأعضاء فأما حضور القلب فإن كثيراً من المصلين إذا دخل في صلاته بدأ قلبه يتجول يميناً وشمالاً في التفكير والهواجيس ومن العجب أنه لا يفكر في هذه الأمور قبل أن يدخل في صلاته وأعجب من ذلك أن هذه الأمور التي يشغل بها قلبه أمور لا فائدة منها غالباً فهي لا تهمه في شئون دينه ولا دنياه ولكن الشيطان يجلبها إليه ليفسد عليه صلاته ولهذا تجد المصلي من هؤلاء يخرج من صلاته وما استنار بها قلبه ولا غرت بها عينه ولا أنشرح بها صدره ولاقوي بها إيمانه لأنها صارت عبادة لكنها حركات كحركات الآلة الأوتوماتيكية وإن هذا الداء أعني الهواجيس في الصلاة لداء مستفحل ومرض منتشر ليس بين عامة الناس فحسب ولكن بين عامة الناس وخواصهم حتى ذوي العلم والعبادة إلا من شاء الله علاج التهاون في الصلاة:- لكل داء دواء ولله الحمد فإذا أحسست وأنت تصلي بالهواجيس فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم واستحضر أنك بين يدي الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وتدبر ما تقول في صلاتك وما تفعل فيها فلعل الله أن يذهب عنك ما تجد من التهاون في الصلاة سكون الجوارح:- وأما سكون الجوارح فإن كثيراً من المصلين لا تسكن جوارحه تجده وهو يصلي يعبث بيديه أو رجليه أو عينيه أو رأسه يحرك يده ينظر إلى ساعته يعبث في لحيته يقدم رجله ويردها يرفع بصره إلى السماء يلتفت يميناً وشمالاً وكل هذه من المنقصات التي تنقص الصلاة وربما تبطلها إذا كثرت وتوالت بغير ضرورة واعملوا أيها الاخوة إن رفع البصر إلي السماء في الصلاة ينافي الأدب مع الله عز وجل ولهذا كان حراماً على المصلي أن يرفع بصره إلى السماء وحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه تحذيراً بالغاً وقولاً شديدا فقال صلى الله عليه وسلم ( ما بال أقوام يرفعون ابصارهم إلى السماء في صلاتهم ) فاشتد قوله في ذلك حتى قال ( لينتهن ّ عن ذلك أو لتخطفنّ أبصارهم ) وإني أرى كثيراً من المصلين إذا رفع رأسه من الركوع رفع رأسه إلى السماء وهذا حرام عليه وقد قال بعض أهل العلم إن الإنسان إذا رفع بصره إلى السماء وهو يصلي بطلت صلاته ووجب عليه إعادتها فاتقوا الله عباد الله واحذروا من هذا الأمر الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم قولاً شديداً واحذروا من هذا الأمر الذي حذركم منه نبيكم صلى الله عليه وسلم فقال (لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهن ) أما الحركة التي لمصلحة الصلاة فهذه لا بأس بها بل هي مطلوبة فإذا كان فإذا كنت في الصف وبعد الناس عنك وقربت منهم فلا حرج عليك في ذلك وكذلك إذا نفتح الصف أمامك فتقدمت إليه وأنت تصلي فإنه لا حرج عليك في ذلك بل هو مطلوب منك ولهذا تحرك النبي صلى الله عليه وسلم حينما أخر ابن عباس رضي الله عنهما وقد صلى إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم فوقف عن يساره فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه فجعله عن يمينه وعلى هذا فكل حركة يقصد بها تكميل الصلاة فإنها جائزة بل مطلوبة فاتق الله أيها المسلم في صلاتك اتخذ الصلاة عبادة لا عادة أخشع فيها لربك أحضر قلبك وأسكن جوارحك فإن الله يقول ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (المؤمنون:2) اللهم وفقنا جميعاً للقيام بعبادتك والإخلاص لك والمتابعة لرسولك اللهم قنا من الزيغ والفتن والضلال والمحن أنك جواد كريم. والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 6-فضل الذكر بعد الصلاة عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت : قال رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « إنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إنْسانٍ مِنْ بني آدم علَى سِتِّينَ وثلاثمائَةِ مَفْصِلٍ ، فَمنْ كَبَّر اللَّه ، وحمِدَ اللَّه ، وَهَلَّلَ اللَّه ، وسبَّحَ اللَّه واستَغْفَر اللَّه ، وعَزلَ حَجراً عنْ طَرِيقِ النَّاسِ أوْ شَوْكَةً أوْ عظْماً عن طَرِيقِ النَّاسِ ، أوْ أمر بمعرُوفٍ أوْ نهى عنْ مُنْكَرٍ ، عَددَ السِّتِّينَ والثَّلاَثمائة ، فَإِنَّهُ يُمْسي يَوْمئِذٍ وَقَد زَحزحَ نفْسَهُ عنِ النَّارِ » . وعنْ أبي مُوسَى الأشعريِّ ، رضي اللَّه عنهُ ، عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، قال : «مَثَلُ الذي يَذكُرُ ربَّهُ وَالذي لا يذكُرُهُ ، مَثَل الحيِّ والمَيِّتِ » رواهُ البخاري . ورواه مسلم فقال : « مَثَلُ البَيْتِ الَّذي يُذْكَرُ اللَّه فِيهِ ، وَالبَيتِ الذي لا يُذْكَرُ اللَّه فِيهِ ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ » . وعنْ أبي هُريرةَ ، رضي اللَّه عنْهُ ، أنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « يقُولُ اللَّه تَعالى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عبدي بي ، وأنا مَعهُ إذا ذَكَرَني ، فَإن ذَكرَني في نَفْسهِ ، ذَكَرْتُهُ في نَفسي ، وإنْ ذَكَرَني في ملإٍ ، ذكَرتُهُ في ملإٍ خَيْرٍ منْهُمْ » متَّفقٌ عليهِ . وعَنْهُ قال : قالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « سبقَ المُفَرِّدُونَ » قالوا : ومَا المُفَرِّدُونَ يا رسُول اللَّهِ ؟ قال : « الذَّاكِرُونَ اللَّه كَثيراً والذَّاكِراتُ » رواه مسلم . روي : « المُفَرِّدُونَ » بتشديد الراء وتخفيفها ، والمَشْهُورُ الَّذي قَالَهُ الجمهُورُ : التَّشديدُ. وعن جابر رضي اللَّه عَنْهُ قالَ : سمِعْتُ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : « أَفْضَلُ الذِّكرِ : لا إله إلاَّ اللَّه » . رواهُ الترمِذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ وعنْ عبد اللَّه بن بُسْرٍ رضي اللَّه عنْهُ أنَّ رَجُلاً قال : يا رسُولَ اللَّهِ ، إنَّ شَرائِع الإسْلامِ قَدْ كَثُرتْ علَيَّ ، فَأخبرْني بِشيءٍ أتشَبَّثُ بهِ قال : « لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ » رواهُ الترمذي وقال : حديثٌ حَسَنٌ . وعنْ جابرٍ رضي اللَّه عنهُ ، عَنِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « منْ قال : سُبْحانَ اللَّهِ وبحَمدِهِ ، غُرِستْ لهُ نَخْلَةٌ في الجَنَّةِ » . رواه الترمذي وقال : حديث حسنٌ . وعن ابن مسْعُودٍ رضي اللَّه عَنْهُ قال : قال رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم « لَقِيتُ إبراهيمَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي فقال : يا مُحمَّدُ أقرِيءْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلام ، وأَخبِرْهُمْ أنَّ الجنَّةَ طَيِّبةُ التُّرُبةِ ، عذْبةُ الماءِ ، وأنَّها قِيعانٌ وأنَّ غِرَاسَها : سُبْحانَ اللَّه ، والحمْدُ للَّه ، ولا إله إلاَّ اللَّه واللَّه أكْبَرُ » .رواه الترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ . وعنْ أَبي الدِّرداءِ ، رضيَ اللَّه عَنْهُ قالَ : قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَلا أُنَبِّئُكُم بِخَيْرِ أَعْمَالِكُم ، وأَزْكَاهَا عِند مليكِكم ، وأَرْفعِها في دَرجاتِكم ، وخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاق الذَّهَبِ والفضَّةِ ، وخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقوْا عدُوَّكم ، فَتَضربُوا أَعْنَاقَهُم ، ويضرِبوا أَعْنَاقكُم؟» قالوا : بلَى ، قال : « ذِكُر اللَّهِ تَعالى » . رواهُ الترمذي ، قالَ الحاكمُ أَبو عبد اللَّهِ : إِسناده صحيح . وعنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضِي اللَّه عنْهُما قَال : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « منْ لَزِم الاسْتِغْفَار ، جعل اللَّه لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مخْرجاً ، ومنْ كُلِّ هَمٍّ فَرجاً ، وَرَزَقَهُ مِنْ حيْثُ لا يَحْتَسِبُ » رواه أبو داود وعنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضِي اللَّه عنْهُ قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « منْ قال : أَسْتَغْفِرُ اللَّه الذي لا إِلَهَ إِلاَّ هُو الحيَّ الْقَيُّومَ وأَتُوبُ إِلَيهِ ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ » رواه أبو داود والترمذي والحاكِمُ ، وقال : حدِيثٌ صحيحٌ على شَرْطِ البُخَارِيِّ ومُسلمٍ . أهمية الصلاة للصلاة في دين الإسلام أهمية عظيمة، ومما يدل على ذلك ما يلي: 1 - أنها الركن الثاني من أركان الإسلام. 2 - أنها أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة؛ فإن قُبلت قُبل سائر العمل، وإن رُدَّت رُدَّ. 3 - أنها علامة مميزة للمؤمنين المتقين، كما قال تعالى: وَيُقِيمُونَ الصّلاةَ [البقرة:3]. 4 - أن من حفظها حفظ دينه، ومن ضيّعها فهو لما سواها أضيع. 5 - أن قدر الإسلام في قلب الإنسان كقدر الصلاة في قلبه، وحظه في الإسلام على قدر حظه من الصلاة. 6 - وهي علامة محبة العبد لربه وتقديره لنعمه. 7 - أن الله عز وجل أمر بالمحافظة عليها في السفر، والحضر، والسلم، والحرب، وفي حال الصحة، والمرض. 8 - أن النصوص صرّحت بكفر تاركها. قال : { إن بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة } [رواه مسلم]. وقال: { العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر } [رواه أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح]، فتارك الصلاة إذا مات على ذلك فهو كافر لا يُغَسّل، ولا يُكَفّن، ولا يُصلى عليه، ولا يُدفَن في مقابر المسلمين، ولا يرثه أقاربه، بل يذهب ماله لبيت مال المسلمين، إلى غير ذلك من الأحكام المترتبة على ترك الصلاة. _ سور منيع، وسياج يحمي الفرائض من تسرب الضعف إليها ؛ فمن حافظ على النوافل كان على الفرائض أكثر محافظة، ومن تهاون بها كانت الخطوة التالية إذا تمكن الكسل من المرء أن يفرط بالفرائض، والعياذ بالله. فالشيطان يشجع المرء أولا على ترك النافلة، محتجا بأنها ليست مفروضة، فإذا نجح في ذلك خطا خطوة أخرى مع العبد الذي انخدع به وخضع لإيحاءاته. إن أداء النوافل أمارة على أن الفرائض مصونة محمية، والتهاون بها مستبعد، وإن هذا العبد الذي يحرص على أداء النوافل سيكون على أداء الفرائض أشد حرصا. 2- والنوافل جوابر؛ يجبر بها يوم القيامة ما قد يكون في الفرائض من نقص أو خلل غير مبطل. أرأيت الإنسان إذا كسر عضو من أعضائه كيف توضع له الجبيرة ليعود العضو كما كان؟! وكذلك النوافل تعوض النقص وتصلح الخلل؛ فقد جاء في الحديث الذي رواه الطبراني في الأوسط أن أبا هريرة قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فيقول الله عز وجل لملائكته: انظروا إلى صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن أتمها كتبت له تامة، وإن كان قد انتقصها قيل: انظروا هل لعبدي من نافلة تكملون بها فريضته؟ ثم تؤخذ الأعمال بعد ذلك". وبما أن عمل الناس لا يخلو غالبا من خلل ونقص وسهو؛ فإن أداءهم للنوافل يعد جابرا لما يصدر عنهم؛ بل إن بعض أهل العلم والفضل رأى أن هذه الزيادات على الفرائض لا تعد في حقيقتها نوافل إلا في حق النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن سلوكه وعباداته وأخلاقه قد بلغت الكمال البشري الذي قدره الله له، وهو صلى الله عليه وسلم المعصوم عن الوقوع في المعاصي. وقد وجدوا لهذا المعنى إشارة في قوله تعالى: **ومن الليل فتهجد به نافلة لك}. ولاحظ كلمة "لك" وكأنها إشارة إلى اقتصار المعنى الحقيقي للنافلة على ما يؤديه صلى الله عليه وسلم من عبادات زائدة على الفرض، أما بحق غيره فهي مكفرات للذنوب، وجوابر للنقص. 3- النوافل دليل العبودية الحقة لله تعالى ؛ لأن أي فعل لا بد له من دافع يدفع إليه. ومن المعلوم أن الإنسان يميل بطبعه إلى الراحة، فما الذي يجعل جنبه يتجافى عن مضجعه؟ وما الذي يبعثه من فراشه ليقف في ليل الشتاء البارد متذللا خاشعا بين يدي مولاه؟ إنه الشوق إلى مرضاة الله، والراحة التي يجدها في الركون إليه، وما يمده الله به من الأنوار. فالنوافل دليل واضح وبرهان ساطع على أن العبد يتذوق حلاوة العبادات ولا يستثقلها، ويدرك أثرها في حياته الدنيا والأخرى... وما من شك أن من يكثر من نوافل الصلاة مثلا يدلل بفعله هذا على أنه يحس بعذوبة المناجاة، ويفهم معنى الوقوف بين يدي ملك الملوك، ولولا هذا لما أكثر من النوافل وهو يعلم أنها ليست مفروضة، وأنه لن يعذَّب إذا تركها. 4- والنوافل علامة على أن العبد يرغب بالتقرب إلى الله ويبتغي الزلفى لديه عز وجل، وهذا ينقله إلى مرتبة رفيعة؛ إنها مرتبة المحبوب. فلا يكفي أن تكون محبا، فكم من محب ليس بمحبوب! والأهم والأرقى أن تكون محبوبا، قال تعالى: **يحبهم ويحبونه}. وقد جعل الله تعالى النوافل سببا لبلوغ مرتبة المحبوبية؛ ففي الحديث القدسي الذي رواه البخاري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقول تعالى: من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب، وما تقرب إلى عبدي بشيء أفضل من أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه". 5- والنوافل أنها باب واسع مفتوح للربح وجني الأجر والثواب من غير حدود وقيود. ومن العجيب أن بعض الناس لا يشبعون من الربح الدنيوي، ولكنهم ربما زهدوا في الربح الأخروي، غير أن العاقل يعمل لآخرته كأنه يموت غدا، ويتزود لسفر طويل لا بد منه. والنوافل من خير الزاد وأفضل العتاد. 6- والنوافل وفوائدها أنها وسيلة للصلة الدائمة بالله والعيش ساعة فساعة في طاعته وفي كنفه، قال تعالى: **وأقم الصلاة لذكري}. فعلينا دائماً الاستزادة من النوافل، عسى أن يزيدنا الله تعالى من رحمته وفضله، والله تعالى أكرم وأعظم على الدوام، وفي الحديث "من تقرب إليّ شبرا تقرّبت إليه ذراعا.. •° ما هو سرّ الصلاة ؟ وتمثيل لذلك°• وكان سرُّ الصلاة ولُبها إقبال القلب فيها على الله ، وحضوره بكلِّيته بين يديه ، فإذا لم يقبل عليه وإشتغل بغيره ولهى بحديث نفسه ، كان بمنزلة وافد وفد إلى باب الملك معتذراً من خطاياه ومستمطراً سحائب جوده و كرمه و رحمته ، مستطعماً له ما يقيت قلبه ، ليقوى به على القيام في خدمته ، فلما وصل إلى باب الملك ، ولم يبق إلا مناجته له ، إلتفت عن الملك وزاغ عنه يميناً وشمالاً , أو ولاه ظهره ، و إشتغل عنه بأمقت شيء إلى الملك ، وأقلّه عنده قدراً فآثره عليه ، وبعث غلمانه وخدمة ليقفوا في خدم طاعة الملك عوضاً عنه و يعتذروا عنه ، و ينوبوا عنه في الخدمة ، والملك يشاهد ذلك و يرى حاله مع هذا ، فكرم الملك وجوده وسعة برّه و إحسانه تأبي أن يصرف عنه تلك الخدم و الأتباع ، فيصيبه من رحمته و إحسانه ؛ لكن فرق بين قسمة الغنائم على أهل السُّهمان من الغانمين ، و بين الرضَّخ لمن لا سهم له : ولكل درجات ممَّا عملوا و ليُوَفيهم أعمالهم و هم لا يظلَمون ، والله سبحانه و تعالى خلق هذا النوع الإنساني لنفسه و اختصه له ، وخلق كل شيء له ، و من أجله كما في الأثر الإلهي : " ابن آدم خلقتك لنفسي فلا تلعب وتكفلت برزقك فلا تتعب ، ابن آدم اطلبني تجدني ، فإن وجدتني وجدت كلّ شيء ، وإن فُتَّك فاتك كلّ شيء ، وأنا أحب إليك من كلّ شيء ". •° °•ما بين الصلوات الخمسة تحدث الغفلة•° °• وما بين الصلاتين تحدث للعبد الغفلة و الجفوة و القسوة ، والإعراض والزَّلات ، والخطايا ، فيبعده ذلك عن ربه ، وينحّيه عن قربه ، فيصير بذلك كأنه أجنبياً من عبوديته ، ليس من جملة العبيد ، وربما ألقى بيده إلى أسر العدو له فأسره ، وغلَّه ، وقيَّده ، وحبسه في سجن نفسه وهواه . فحظه ضيق الصدر ، ومعالجة الهموم ، والغموم ، والأحزان ، والحسرات ، ولا يدري السبب في ذلك ,فإقتضت رحمه ربه الرحيم الودود أن جعل له من عبوديته , عبودية جامعة ، مختلفة الأجزاء ، والحالات بحسب إختلاف الأحداث التي كانت من العبد ، وبحسب شدَّة حاجته إلى نصيبه من كل خير من أجزاء تلك العبودية . •° °•الكلام عن الوضوء•° °• فبالوضوء يتطَّهر من الأوساخ ، ويُقدم على ربِّه متطهرا ، والوضوء له ظاهر وباطن : فـظاهره : طهارة البدن ، وأعضاء العبادة , وباطنه و سرّه : طهارة القلب من أوساخ الذنوب والمعاصي وأدرانه بالتوبة ؛ ولهذا يقرن جل و علا بين التوبة والطهارة في قوله تعالى : إن الله يحب التَّوابين و يحب المتظهرين , وشرع النبي صلى الله عليه وسلم للمتطهِّر أن يقول بعد فراغه من الوضوء أن يتشهد ثم يقول : " اللهم اجعلني من التوّابين ، واجعلني من المتطهرين " . فكمَّل له مراتب العبدية والطهارة ، باطنا وظاهرا ، فإنه بالشهادة يتطهر من الشرك ، وبالتوبة يتطهر من الذنوب ، وبالماء يتطهر من الأوساخ الظاهرة . •° °•من تمام العبودية الذهاب للمسجد•° °• فلما طهر ظاهراً وباطناً ، أذن له بالدخول عليه بالقيام بين يديه وبذلك يخلص من الإباق وبمجيئه إلى داره ، ومحل عبوديته يصير من جملة خدمه ، ولهذا كان المجيء إلى المسجد من تمام عبودية الصلاة الواجبة عند قوم والمستحبة عند آخرين ، فإذا وقف بين يديه موقف والتذلل والانكسار ، فقد إستدعى عطف سيِّده عليه ، وإقباله عليه بعد الإعراض عنه . •° °•عبودية التكبير " الله أكبر "•° °• وأُمر بأن يستقبل القبلة بوجهه ، ويستقبل الله عز وجل بقلبه ، لينسلخ مما كان فيه من التولي والإعراض ، ثم قام بين يديه مقام المتذلل الخاضع المسكين المستعطف لسيِّده عليه ، وألقى بيديه مسلّماً مستسلماً ناكس الرأس ، خاشع القلب مُطرق الطرف لا يلتفت قلبه عنه ، وطرفة عين ، لا يمنة ولا يسرة ، خاشع قد توجه بقلبه كلِّه إليه , وأقبل بكليته عليه ، ثم كبَّره بالتعظيم والإجلال وواطأ قلبه لسانه في التكبير فكان الله أكبر في قلبه من كلِّ شيء ، و صدَّق هذا التكبير بأنه لم يكن في قلبه شيء أكبر من الله تعالى يشغله عنه ، فإنه إذا كان في قلبه شيء يشتغل به عن الله دلّ على أن ذلك الشيء أكبر عنده من الله فإنه إذا اشتغل عن الله بغيره ، كان ما اشتغل به هو أهم عنده من الله ، وكان قوله " الله أكبر " بلسانه دون قلبه ؛ لأن قلبه مقبل على غير الله ، معظماً له ، مجلاً ، فإذا ما أطاع اللسان القلب في التكبير ، أخرجه من لبس رداء التكبّر المنافي للعبودية ، ومنعه من التفات قلبه إلى غير الله . •° °•عبودية الإستفتاح•° °• فإذا قال : " سبحانك اللهم وبحمدك " وأثنى على الله تعالى بما هو أهله ، فقد خرج بذلك عن الغفلة وأهلها ، فإن الغفلة حجاب بينه وبين الله , وأتى بالتحية و الثناء الذي يُخاطب به الملك عند الدخول عليه تعظيماً له ، وكان ذلك تمجيداً ومقدمة بين يدي حاجته. فكان في الثناء من آداب العبودية ، وتعظيم المعبود ما يستجلب به إقباله عليه ، ورضاه عنه ، وإسعافه بفضله , وقضاء حوائجه. •° °•حال العبد في القراءة والاستعاذة•° °• فإذا شرع في القراءة قدَّم أمامها الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فإنه أحرص ما يكون على خُذلان العبد في مثل هذا المقام الذي هو أشرف مقامات العبد وأنفعها له في دنياه وآخرته ، فهو أحرص شيء على صرفه عنه ، وإنتفاعه دونه بالبدن والقلب ، فإن عجز عن إقتطاعه وتعطيله عنه بالبدن إقتطع قلبه وعطَّله ، وألقى فيه الوساوس ليشغله بذلك عن القيام بحق العبودية بين يدي الرب تبارك وتعالى ، فأمر العبد بالإستعاذة بالله منه ليسلم له مقامه بين يدي ربه ، ويستنير بما يتدبره ويتفهمه من كلام الله سيِّده الذي هو سبب حياة قلبه ، ونعيمه وفلاحه ، فالشيطان أحرص شيء على إقتطاع قلبه عن مقصود التلاوة. ولما علم الله سبحانه وتعالى حَسَد العدو للعبد ، وتفرّغه له ، وعلم عجز العبد عنه ، أمره بأن يستعيذ به سبحانه ، ويلتجئ إليه في صرفه عنه ، فيكتفي بالاستعاذة من مؤونة محاربته و مقاومته ، وكأنه قيل له : لا طاقة لك بهذا العدو ، فاستعذ بي أعيذك منه ، وإستجر بي أجيرك منه ، وأكفيكه و أمنعك منه . •° °•حال العبد في الفاتحة•° °• فينبغي بالمصلي أن يقف عند كل آية من الفاتحة وقفة يسيرة ، ينتظر جواب ربِّه له ، وكأنه يسمعه و هو يقول : " حمدني عبدي " إذا قال : الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .فإذا قال : الرَّحمن الرَّحيم وقفَ لحظة ينتظر قوله : " أثنى عليَّ عبدي ".فإذا قال : مالكِ يومِ الدِّينِ انتظر قوله : " مجَّدني عبدي ".فإذا قال : إيَّاك نَعبدُ وإيَّاك نَستعين إنتظر قوله تعالى : " هذا بيني و بين عبدي ".فإذا قال : اهدِنا الصِّراط المُستقيم إلى آخرها إنتظر قوله : " هذا لعبدي و لعبدي ما قال ". فلكلٍّ عبوديته من عبودية الصلاة سرٌّ و تأثيرٌ و عبودية لا تحصل في غيرها ، ثمَّ لكل آية من آيات الفاتحة عبودية وذوق يخُصُّها لا يوجد في غيرها. فعند قوله : الحمد لله رب العالمين , تجد تحت هذه الكلمة إثبات كمال للرب وصفاً وفعلاً و اسماً ، و تنزيهه سُبحَانه وبحمده عن كلِّ سوء ، فعلاً ووصفاً واسماً ، فهو جل و علا محمود في أفعاله و أوصافه وأسمائه ، مُنزَّه عن العيوب و النقائص في أفعاله وأوصافه و أسمائه , فأفعاله كلّها حكمة ورحمة ومصلحة وعدل ولا تخرج عن ذلك ، وأوصافه كلها أوصاف كمال ، ونعوت جلال ، وأسماؤه كلّها حُسنى. •° °•عبودية ** ربِّ العالمين •° °• ثم لقول العبد ( ربِّ العالمين) من العبودية شهود تفرّده سبحانه بالربوبية وحده ، وأنَّه كما أنه رب العالمين ، وخالقهم ، ورازقهم ، ومدبِّر أمورهم ، وموجدهم ، ومغنيهم ، فهو أيضا وحده إلههم ، ومعبودهم ، وملجأهم ومفزعهم عند النوائب ، فلا ربَّ غيره ، ولا إله سواه. •° °•عبودية ** الرَّحمَن الرَّحيم •° °• و لقوله : الرَّحمن الرَّحيم عبودية تخصه سبحانه ، وهي شهود العبد عموم رحمته. وشمولها لكلّ شيء ، وسعتها لكلِّ مخلوق وأخذ كلّ موجود بنصيبه منها ، ولا سيما الرحمة الخاصَّة بالعبد وهي التي أقامته بين يدي ربه , فبرحمته للعبد أقامه في خدمته يناجيه بكلامه ، ويتملقه ويسترحمه ويدعوه ويستعطفه ويسأله هدايته ورحمته ، وتمام نعمته عليه دنياه وأخراه فهذا من رحمته بعبده . •° °•عبودية ** مالكِ يومِ الدِّينِ •° °• ويعطى قوله ** مالك يوم الدِّين عبوديته من الذلِّ والإنقياد ، وقصد العدل والقيام بالقسط ، وكفَّ العبد نفسه عن الظلم والمعاصي ، وليتأمل ما تضمنته من إثبات المعاد وتفرَّد الربِّ في ذلك بالحكم بين خلقه ، وأنه يومٌ يدين الله فيه الخلق بأعمالهم من الخير والشر ، وذلك من تفاصيل حمده ، وموجبه كما قال تعالى : وقُضيَ بينَهم بالحقِّ وقيل الحمدُ لله ربِّ العالمين. •° °•عبودية ** إيَّاك نعبدُ •° °• فإذا قال : إيَّاك نعبدُ وإيَّاك نستعين إنتظر جواب ربه له : " هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ". وتأمل عبودية هاتين الكلمتين وحقوقهما ، وميِّز الكلمة التي لله سبحانه وتعالى ، والكلمة التي للعبد ، وفِقهِ سرَّ كون إحداهما لله ، والأخرى للعبد ، وميِّز بين التوحيد الذي تقتضيه كلمة إيَّاك نعبدُ , والتوحيد الذي تقتضيه كلمة و إيَّاك نستعين ، وفِقهَ سرَّ كون هاتين الكلمتين في وسط السورة بين نوعي الثناء قبلهما ، والدعاء بعدهما ، وفِقه تقديم إياك نعبد على وإياك نستعين ، وسرَّ إعادة الضمير مرَّة بعد مرة . •° °•تقديم العبادة على الإستعانة•° °• قـلت : أراد تقديم العبادة و هي العمل ـعلى الإستعانة ، فالعبادة لله والإستعانة للعبد ، فالله هو المعبود ، وهو المستعان على عبادته ، فإياك نعبد ؛ أي إياك أريد بعبادتي ، وهو يتضمن العمل الصالح الخالص ، والعلم النافع الدال على الله ، معرفة ومحبة ، وصدقاً وإخلاصاً ، فالعبادة حق الرب تعالى على خلقه ، والإستعانة تتضمن إستعانة العبد بربه على جميع أموره ، وهي القول المتضمن قسم العبد. فكل عبادة لا تكون لله وبالله فهي باطلة مضمحلة ، وكل إستعانة تكون بالله وحده فهي خذلانٌ و ذل. •° °•ضرورة العبد لقوله ** اهدنا الصِّراط المُستقيم •° °• ثم ليتأمل العبد ضرورته و فاقته إلى قوله اهدنا الصِّراط المُستقيم ,الذي مضمونه معرفة الحق ، وقصده وإرادته والعمل به ، والثبات عليه ، والدعوة إليه ، والصبر على أذى المدعو إليه فباستكمال هذه المراتب الخمس يستكمل العبد الهداية وما نقص منها نقص من هدايته. •° °•عبودية التأمين ورفع اليدين•° °• وشرع له التأمين في آخر هذا الدعاء تفاؤلاً بإجابته ، وحصوله ، وطابعاً عليه ، وتحقيقاً له ، ولهذا إشتد حسدُ اليهود للمسلمين عليه حين سمعُوهم يجهرون به في صلاتهم. ثم شرع له رفع اليدين عند الركوع تعظيما لأمر الله ، وزينةً للصلاة ، وعبودية خاصةً لليدين كعبودية باقي الجوارح ، وإتباعاً لسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حليةُ الصلاة ، وزينتها وتعظيمٌ لشعائرها. ثم شرع له التكبير الذي هو في إنتقالات الصلاة من رُكن إلى ركن ، كالتلبية في انتقالات الحاجِّ ، من مشعر إلى مشعر ، فهو شعار الصلاة ، كما أن التلبية شعار الحج . •° °•عبودية الركوع•° °• ثم شرع له بأن يخضع للمعبود سبحانه بالركوع خضوعاً لعظمة ربه ، وإستكانة لهيبته و تذللا لعزته. فثناء العبد على ربه في هذا الركن ؛ هو أن يحني له صلبه ، ويضع له قامته ، وينكس له رأسه ، ويحني له ظهره ، ويكبره مُعظماً له ، ناطقاً بتسبيحه ، المقترن بتعظيمه. فاجتمع له خضوع القلب ، وخضوع الجوارح ، وخضوع القول على أتم الأحوال ، ويجتمع له في هذا الركن من الخضوع والتواضع والتعظيم والذكر ما يفرق به بين الخضوع لربه ، والخضوع للعبيد بعضهم لبعض ، فإنَّ الخضوع وصف العبد ، والعظمة وصف الرب . وتمام عبودية الركوع أن يتصاغر الراكع ، ويتضاءل لربه ، بحيث يمحو تصاغره لربه من قلبه كلَّ تعظيم فيه لنفسه ، ولخلقه ويثبت مكانه تعظيمه ربه وحده لا شريك له . •° °•عبودية القيام•° °• ثم نقله منه إلى مقام الاعتدال والاستواء ، واقفاً ًفي خدمته ، بين يديه كما كان في حالة القراءة في ذلك ، ولهذا شرع له من الحمد والمجد نظير ما شرع له من حال القراءة في ذلك. ولهذا الاعتدال ذوقٌ خاص وحال يحصل للقلب ، ويخصه سوى ذوق الركوع وحاله ، وهو ركنٌ مقصود لذاته كركن الركوع والسجود سواء. ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُطيلُه كما يطيل الركوع والسجود ، ويُكثر فيه من الثناء والحمد والتمجيد ، كما ذكرناه في هديه صلى الله عليه وسلم في صلاته وكان في قيام الليل يُكثر فيه من قول : " لربي الحَمد ، لربي الحمد " ويكرِّرها. •° °•عبودية السجود•° °• ثم شرع له أن يكبر ويدنو ويخرَّ ساجدا ، ويُعطي في سجوده كل عضو من أعضائه حظَّه من العبودية ، فيضع ناصيته بالأرض بين يدي ربه ، راغماً له أنفه ، خاضعاً له قلبه ، ويضع أشرف ما فيه ـ وهو وجهه ـ بالأرض ، متذلِّلاً لعظمة ربه ، خاضعاً لعزَّته ، منيباً إليه ، مستكيناً ذلاً و خضوعاً وانكساراً . وأشرف أفعال الصلاة السجود ، وأشرف أذكارها القراءة ، وأول سورة أنزلت على النبي صلى الله عليه و سلم سورة اقرأ باسم ربِّك افتتحت بالقراءة ، وخُتمت بالسجود ، فوضعت الركعة على ذلك ، أولها قراءة وآخرها سجود. •° °•حال العبد بين السجدتين•° °• ثم شرع له أن يرفع رأسه ، ويعتدل جالساً ، ولما كان هذا الاعتدال محفوفاً بسجودين ؛ سجود قبله ، وسجود بعده ، فينتقل من السجود إليه ، ثم منه إلى السجود الآخر ، كان له شأن ، فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يطيل الجلوس بين السجدتين بقدر السجود يتضرع إلى ربه فيه ، ويدعوه و يستغفره ، ويسأله رحمته ، وهدايته ورزقه وعافيته ، وله ذوق خاص ؛ فالعبد في هذا القعود يتمثَّل جاثياً بين يدي ربه ، مُلقيا نفسه بين يديه ، مُعتَذراً إليه مما جَناَه ، راغباً إليه أن يغفر له ويرحمه ، مستَعدياً له على نفسه الأمَّارة بالسوء. •° °•عبودية الجلوس للتشهد ومعنى التحيات•° °• ولما كان من عادة الملوك أن يحيوا بأنواع التحيات من الأفعال والأقوال المتضمنة للخضوع لهم ، والذل ، والثناء عليهم وطلب البقاء ، والدوام لهم ، وأن يدوم ملكهم. كان الملك الحق المبين ، الذي كل شيء هالك إلا وجهه سبحانه أولى بالتحيات كلِّها من جميع خلقه ؛ ولهذا فُسرت التحيات بالملك ، وفسرت بالبقاء والدوام , فالله سبحانه هو المتصف بجميع ذلك ، فهو أولى به فهو سبحانه المَلك ، وله المُلك ، فكل تحية تحي بها ملك من ثناء ، أو بقاء ، أو دوام فهي لله على الحقيقة ؛ ولهذا أتى بها مجموعة معرَّفة بالألف واللام إرادة للعموم . •° °•عطف الصلوات والطيبات•° °• ثم عطف عليها الصلوات بلفظ الجمع والتعريف ؛ ليشمل ذلك كلّ ما أُطلق عليه لفظ الصلاة خصوصاً و عموماً ، فكلّها لله ولا تنبغي إلا له ، ثم عطف عليها بالطيِّبات ، والطيبات تتضمن تسبيحه ، وتحميده ، وتكبيره ، وتمجيده ، والثناء عليه بالآئه وأوصافه ؛ فهذه الكلمات الطيبات التي يثنى عليه بها ، ومعانيها له وحده لا شريك له . •° °•عبودية التَّسليم على الأنبياء والصالحين•° °• ثم شرع له أن يسلِّم على سائر عباد الله الصالحين ، وهم عباده الذين إصطفى بعد الثناء ، وتقديم الحمد لله فطابق ذلك قوله : قُل الحمدُ للهِ و سلامٌ على عباده الذين اصطفى ، وكأنه إمتثال له ، وأيضا فإن هذا تحية المخلوق فشرعت بعد تحية الخالق وقدم في هذه التحية أولى الخلق بها وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي نالت أمته على يده كل خير ، وعلى نفسه ، وبعده وعلى سائر عباد الله الصالحين ، وأخصهم بهذه التحية الأنبياء و الملائكة ، ثم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، وأتباع الأنبياء مع عمومها كل عبد صالح في السماء و الأرض. •° °•معنى الشهادتين في التحيات•° °• ثم شرع له أن يشهد شهادة الحق التي بنيت عليها الصلاة ، والصلاة حق من حقوقها ، ولا تنفعه إلا بقرينتها وهي الشهادة للرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة , فجعلت شهادة الحق خاتمة الصلاة , كما شرع أن تكون هي خاتمة الحياة. •° °•الصلاة على النبيِّ - عليه الصلاة و السلام -•° °• وشرع له قبل التسليم الصلاة و السلام على النبي صلى الله عليه وسلم - قال الشيخ بن عثيمين : أنَّ السَّلامَ عليه يشمَلُ السَّلامَ على شرعِه وسُنَّتِه ِ، وسلامتها من أن تنالها أيدي العابثين , الصَّلاةَ عليه تعني : الثناء عليه في الملأ الأعلى " - ، فإنها من أعظم الوسائل بين يدي الدعاء ، كما في السنن عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إذا دعا أحدكم فليبدأ بحمد الله ، والثناء عليه ، وليصل على رسوله ثم ليسل حاجته ". فجاءت التحيات على ذلك ، أولها حمدٌ لله ، والثناء عليه ثم الصلاة على رسوله ثم الدعاء آخر الصلاة ، وأَذِنَ النبي صلى الله عليه وسلم للمصلي بعد الصلاة عليه أن يتخير من المسألة ما يشاء. •° °•الكلام على التسليم•° °• ولما كان العبد بين أمرين من ربه عز و جل , أحدهما حكم الرب عليه في أحواله كلها ظاهراً و باطناً - الحكم الكوني القدري - , والثاني فعل يفعله العبد عبودية لربه -حكمه الديني الأمري- , وكلا الأمرين يوجبان بتسليم النفس إلى الله سبحانه ، ولهذا إشتق له اسم الإسلام من التسليم ، فإنه لما سلّم لحكم ربه الديني الأمري ، ولحكمه الكوني القدري ، بقيامه بعبودية ربه فيه لا بإسترساله في الهوى ، والشهوات ، والمعاصي ، ويقول : قُدَّر عليّ, إستحق اسم الإسلام فقيل له : مسلم. •° °•الفَرق والموازنَة بين ذَوق الصَّلاة والسَّماع•° °• •° أسرار الصَّلاة °• للإمَام العلامَة اْْْإلى من ينام عن صلاة الفجرْْْْ وقال تعالى : ((أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ))الإسراء صلاة الفجر تشكو من قلة المصلين فيها مع أنها صلاة مباركة مشهودة أَقسَم الله بوقتها فقال : ((والفجر وليال عشر))الفجر كم أجور ضيعتها يوم نمت عن صلاة الفجر كم حسنات ضيعتها يوم سهوت عن صلاة الفجر أو أخرتها كم من كنوز فقدتها يوم تكاسلت عن صلاة الفجر 1- صلاة الفجر تعدل قيام ليلة كاملة يقظة من قيام + إجابة للأذان + صلاة مع أهل الإيمان = ثواب قيام ليلة. قال صلى الله عليه وسلم ((من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله )). اخرجه مسلم 2- الحفظ في ذمة الله لمن صلى الفجر . فعن أبو ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من صلى الصبح فهو في ذمة الله))رواه مسلم . نعم إنها ذمة الله ليست ذمة ملك من ملوك الدنيا إنها ذمة ملك الملوك ورب الأرباب وخالق الأرض والسماوات ومن فيها ومن وصف نفسه فقال (( والأرض قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون))الزمر وإذا العناية لاحظتك عيونها *** نم فالمخاوف كلهن أمان فاستمسك بحبل الله معتصما *** فإنه الركن إن خانتك أركان اللهم احفظنا بحفظك ورعايتك وكن لنا معينا ومؤي |
- Blogger Comment
- Facebook Comment
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
0 التعليقات:
إرسال تعليق